الثلاثاء، 10 أبريل 2018

عَبْدُه الرَّاجِحِي في سُطُورٍ

مدونة آل جبل - عَبْدُه الرَّاجِحِي في سُطُورٍ





بقلم

محمود عبد الصمد الجيار




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

أما بعد..

فهذه ومضات سريعة عن الدكتور عبده الراجحي، تعالى:

· الاسم والنشأة:

عبده علي إبراهيم الراجحي.

ولد يوم السبت: 27 من رجب الفرد 1356 هـ. الموافق 2 من أكتوبر 1937م. في قرية كفر الترعة الجديد، مركز شربين، مدينة المنصورة، شمال الدلتا، محافظة الدقهلية، جمهورية مصر العربية.. تعود أصول عائلته إلى المملكة العربية السعودية.. كبير أسرته وعميدها..

· التعليم:

حصل على درجة الليسانس في الآداب قسم اللغة العربية جامعة الإسكندرية، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، عام 1959م. وعلى درجة الماجستير في الآداب في العلوم اللغوية تحت عنوان: (منهج ابن جني في كتابه المحتسب) إشراف الدكتور حسن عون من الجامعة نفسها في 13 يونيو 1963م. ثم على درجة الدكتوراة في العلوم اللغوية أيضًا، تحت عنوان: (اللهجات العربية في القراءات القرآنية) في 1 يناير1967م. إشراف الدكتور السيد أحمد خليل، من الجامعة نفسها. 

- عبده الراجحي طالبًا:

مما أخبرني به الدكتور عبده الرجحي، أنه جاء إلى جامعة الإسكندرية، قاصدا قسم اللغة الإنجليزية، إلا أن عميد الكلية وجَّهه إلى قسم اللغة العربية، وأصر على ذلك.. وكان يهضم جيدا ما يلقيه الدكاترة من نصوص التراث، ثم بعد أن ينتهي الدكتور المحاضر من الشرح، يلتف الطلاب حول زميلهم عبده الراجحي ليفسر لهم ما غمض عليهم من المحاضرة، وهكذا، مراتٍ.. ومن إنتاجه العلمي في مرحلة الدراسة: (فهرس مخطوطات المسجد الأحمدي بطنطا)، وقد كان مُعيدًا بقسم اللغة العربية، وأعدَّ هذا الفهرس مشاركة مع زميله المُعيد بقسم الفلسفة: جلال أبو الفتوح، والأستاذ الدكتور: علي سامي النشار..

- أساتذته:

من أساتذته:

- الشيخ بلال عبد الجواد، في (كتّاب القرية).

- الأستاذ محمد موسى، مدرّس اللغة العربية، في المرحلة الإبتدائية.

- الدكتور محمد محمد حسين، في مرحلة الليسانس.

- الدكتور علي سامي النشار، في مرحلة الليسانس.

ـ الدكتور حسن عون في مرحلة الماجستير.

ـ الدكتور أمين الخولي في مرحلة الدكتوراة.

ـ الدكتور السيد أحمد خليل في مرحلة الدكتوراة.

- الدكتور محمود السعران.

- تلامذته:

للراجحي عدد كبير من التلامذة المنتشرين في أنحاء العالم العربي والإسلامي كافة؛ ممن تتلمذوا على يديه في مرحلة الليسانس أو في مرحلتي الماجستير والدكتوراة؛ وما من جامعة أو مؤسسة لغوية إلا وتجد للراجحي ذكرًا ما..

· الراجحي وابن جني:

من خلال صحبتي لهذا العالم الجليل تعالى تبين لي أنه كان متأثرًا جدًّا (بأبي الفتح عثمان ابن جني) على وجه خاص.. وليس أدل على ذلك من رسالة الماجستير: (منهج ابن جني في كتابه المحتسب)؛ ولعلمي أن الشيخ كان يحبه ويجل عقليته.. استأذنته في أن أقرأ عليه كتاب (اللمع) لابن جني، و(توجيه اللمع) لابن الخباز.. ومن الجدير أنه قد كان له عملٌ ما على كتاب (سر صناعة الإعراب لابن جني)؛ إذ عندي بخط يده الجزء الثاني من الكتاب في حوالي 400 صفحة.. وله تحليلات رائعة وتعليقات مفيدة على نصوصٍ من كتاب الخصائص، وهي مطبوعة، ومنشورة.. وقد كان يقول لي: (قال شيخي ابن جني كذا وكذا...)؛ حتى إنني ظننتُ - في بادئ الأمر- أن ابن جني شخصية معاصرة..

· مسيرته الجامعية:

بدأ حياته العلمية والمهنية في ميدان التدريس الجامعي معيدًا في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، سنة 1961م. ثمّ مدرسًا سنة 1967م. ثم أستاذًا للعلوم اللغوية سنة 1977م..

· الإعارات والزيارات والمؤتمرات:

- معار إلى جامعة بيروت العربية، 1971 - 1975، 1979 - 1983.

- مهمات علمية بجامعات ألمانيا وبريطانيا والنمسا واليابان وأزبكستان وتتارستان وروسيا.

- أستاذ زائر بجامعة صنعاء، وفي معظم الجامعات العربية.

- مؤتمر العلاقات الإسلامية البيزنطية، سالونيك، اليونان. 1979 م.

- الندوة الأولى للسانيات، الرباط، المغرب. 1981 م.

- مؤتمر مشكلات تعليم اللغة العربية بالجامعات العربية، الإسكندرية. 1981 م.

- الندوة الأولى لتعليم اللغات، الكويت. 1985 م.

- معار إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1987 - 1989.

- ندوة مشكلات تقنية الحاسوب واللغة العربية، الرياض.

- مؤتمر تطوير اللغة العربية في ماليزيا، 1990 م.

وغيرها كثير، مما يعقد في المجامع اللغوية ومؤسسات التعليم.

· المناصب العلمية والإدارية:

تقلد مناصب إدارية وعلمية عديدة طوال مسيرته العلمية:

- معيد بقسم اللغة العربية، جامعة الإسكندرية، 1961 - 1967.

- مدرس بقسم اللغة العربية، جامعة الإسكندرية، 1967 - 1972.

- أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية، جامعة الإسكندرية، 1972 - 1977.

- أستاذ بقسم اللغة العربية، جامعة الإسكندرية، 1977.

- عميد كلية الآداب بجامعة بيروت العربية.

- مدير مركز تعليم اللغة العربية للأجانب بجامعة الإسكندرية. وهو من أسّسه.

- مديرمعهد الدراسات اللغوية والترجمة في جامعة الإسكندرية.

- رئيس قسم اللغة العربية، جامعة الإسكندرية.

- وكيل كلية الآداب للدراسات العليا والبحوث، جامعة الإسكندرية.

- رئيس قسم تأهيل معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

- عضو مجمع اللغة العربية.

- عضو اتحاد الكتّاب المصري.

- عضو اللجنة الدائمة للترقية إلى درجة الأستاذ المساعد والأستاذ في الجامعات المصرية.

- أستاذ فاحص للإنتاج العلمي بالجامعات العربية وجامعات شرق آسيا.

- عضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة.

- عضو لجنة تحقيق التراث بالمجلس الأعلى للثقافة.

- انتُخِب عضواً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ـ مجمع الخالدين ـ في شباط (فبراير)عام 2003 م. في المكان الذي خلا بوفاة الدكتور محمود مختار..

· الجوائز التي حصل عليها قبل وفاته:

- جائزة الجامعة التقديرية.

- جائزة طه حسين.

· الجوائز والتكريمات التي كانت بعد وفاته:

- جائزة الدولة التقديرية.

- عقد مجمع اللغة العربية تأبينا له في مايو 2010.

- كما فعلت ذلك جامعة الإسكندرية، وبعض المؤسسات الأخرى العربية، والأجنبية.

- من التكريمات أيضا المجموعُ الكبير الذي كتبه عنه الأصدقاء والزملاء والتلاميذ، في المعالم الإنسانية في شخصيته، والقيم العليا، وخدمته للعلم واللغة على وجه الخصوص.

- بعد موته بعام، صدرت رسالة دكتوراة تركية، بعنوان: (عبده الراجحي والتطبيق النحوي).

- وبعدها، رسالة ماجستير لبنانية، بعنوان: (الجهود اللغوية والمعرفية للدكتور عبده الراجحي).

- وقد دار نقاش أمامي عن محاولةٍ مصرية، في جامعة الزقازيق، عن إعداد رسالة ماجستير عن الراجحي من جانبٍ ما.

- ومن تكريم الله تعالى له أيضا، ما يكتبه الباحثون عن كتبه، والوقوف على منهجه في التناول للمسائل اللغوية.

- ومن أجلّ التكريم بقاء كتبه في قاعات الدرس الأكاديمية وغيرها، مما يصله بالأحياء، ويجعل الثواب موصولا؛ (علم ينتفع به).

· مؤلفاته:

1- إعراب القرآن الكريم.

2- التطبيق الصرفي.

3- التطبيق النحوي.

4- الدكتوراة = اللهجات العربية في القراءات القرآنية.

5- الشخصية الإسرائيلية.

6- العربية الجامعية لغير المتخصصين.

7- اللغة وعلوم المجتمع.

8- الماجستير = منهج ابن جني في كتابه المحتسب.

9- النحو العربي والدرس الحديث.

10- دراسات لغوية باللغة الإنجليزية.

11- دروس في المذاهب النحوية.

12- عبد الله بن مسعود.

13- علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية.

14- فقه اللغة في الكتب العربية.

15- في التطبيق النحوي والصرفي.

16- فهرس مخطوطات المسجد الأحمدي بطنطا.

17- محاضرات في الأدب المقارن.

18- مهارات العربية في النحو والصرف.

19- هيراقليطس.

20- وفي أخريات حياته كان يعمل على إخراج مؤلَّف كبير، تحت عنوان: (معاجم القرآن الكريم)؛ وكان قد أنجز (المعجم النحوي) منه، في حوالي 700 صفحة تقريبًا؛ غير أن هذا الكتاب لم يُطبع، ومات الشيخ، والكتاب مازال مخطوطًا على الورق؛ ولم نعرف عنه شيئا، وفي أثناء الكتابة كان تعالى يطلعني عليه، وذلك مرات؛ تشجيعا لي وتواضعا منه في آن واحد.

21- بالإضافة إلى عمل آخر هو (موسوعة القراءات) التي كانت بالاشتراك مع الدكتور محمد أسعد النادري، والدكتور عصام نورالدين، ومحمود عبد الصمد الجيار.. وتوفي الراجحي قبل أن ينتهي العمل.

22- له أيضًا عدد من المقالات العلمية المنشورة في المجلات العربية والإنجليزية، وقد جمعتُ منها ما تيسر لي الحصول عليه، ونشرتُها في كتابٍ برعاية دار الصحابة للتراث بطنطا.

23- ومن إنتاج الراجحي العلمي ذلك القدر الهائل من المناقشات العلمية لرسائل الماجستير والدكتوراة وغيرهما.

24- ومن إنتاجه كذلك التقريرات العلمية على البحوث والترقيات.

25- وكذلك المقدمات الرائعة النافعة على الكتب والرسالات؛ لا سيما إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة (الذخائر)، على كتاب الصاحبي، مثلا.

26- وكذلك (المجالس النحوية)، و(المجالس الصرفية)، و(المجالس الإعرابية)؛ وهي شرائط صوتية مفيدة جدًّا، حوالي 27 ساعة صوتية.

· موت ولَده:

ما من شخص شاهد مراسم دفن ولده البكر (محمد) إلا ويحكي لك باندهاش وإعظام ما جرى في تلك الحادثة؛ حيث تجلي الإيمانُ وتحقق الصبرُ، ويلقي عليك جُمُلًا من خطبة الراجحي على القبر.. أما حينما رفع رأسه إلى السماء جاهرًا خاشعًا بقوله: (راضٍ يا رب / رضيتُ يا رب) فلا تصفها الحروف..



· عبده الراجحي والقرآن الكريم:

- يحفظ القرآن الكريم؛ وكان يبدأ يومه بساعة يقرأ فيها القرآن الكريم بعد الفجر، ونادرًا جدًّا ما يتخلف عن ذلك..

- للقرآن الكريم أهمية ملموسة وتقديمٌ ملحوظ في أعمال الراجحي كلِّها؛ في الماجستير، في الدكتوراة، في جميع أعماله.

- كان يتردد على أهل القرآن والقراءات، وظل مدةً يعقد جلساتٍ قرآنيةً منتظمة في بيته.

- كلّما ذهبت إليه، نقرأ أولًا قدرًا من اللغة، ثم نتبعه بعد ذلك بتلاوة القرآن الكريم حتى نطبّق ما أخذناه في أثناء القراءة؛ فنعرب، ونوجِّه، ونعلِّل، ونجوِّد ... إلخ. وكانت الجلسة الواحدة لا تقل في الغالب عن ثلاث ساعات، وتمتد أحيانًا إلى خمس ساعات وستٍّ، وأحيانًا اليوم كله..

- كان يردد كثيرا من الآيات، وهو في شدة المرض، وهبَّ فجأة بصوت مرتفع: (وإبراهيم الذي وفَّى، يا شيخ محمود)، ومرة ثانية بنفس الوصف: (وربك الأكرم)..



- قراءاتي معه:

- قرأت عليه: التطبيق النحوي، والتطبيق الصرفي، وشذور الذهب: قرأتها كاملة. وقرأت كذلك أبوابا كثيرة من (شرح الهداية للمهدوي)، و(توجيه اللمع لابن الخباز)، و(أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز للجرجاني) ... إلى غير ذلك. وقبل ذلك شرح لي أبواب النحو بخط يده في عشرين جلسة، والصرف في سبع جلسات. كما كان يخصِّص لي وقتًا لتعليمي اللغة الإنجليزية..

- قرأ عليَّ ختمةً برواية حفص عن عاصم، وفي بعضها عرضٌ لاختلاف القراءات العشر، عرضًا وسماعًا، من أول القرآن الكريم إلى آخره، ثم أجزته بسندي المتصل إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم. ثم ختمة برواية شعبة عن عاصم؛ من أول القرآن الكريم إلى سورة إبراهيم. وعندها نزل به مرض الموت، وقد كان يذهب في إغماء أحيانا، وحينما يفيق، يسألني - مرات - عما وصل إليه في ختمة رواية شعبة..


- الوفاة

- كنت أذهب إليه في الصباح قبل موعد الزيارة في المستشفى، حتى منتصف الليل أحيانًا..

- كنت كلما سألته عن صحته، وهو في أشد المرض، قال: (نحمد الله حمدًا كثيرًا)؛ ويرددها. ويقول: (طهور، إن شاء الله).

- من العجيب أنه لمّح بموعد موته قبل أن يموت بحوالي عشرين يومًا.. فحصل أنه قد قال في أول شهر أبريل وهو نائم أو مغمى عليه: اليوم 26 وغدًا 27؛ وسمِع ذلك منه ابنه الأستاذ هشام؛ فقلتُ في نفسي أخشى أنه سيموت في هذين اليومين؛ وكان الأمرُ... فتوفي يوم 26 ودفن يوم 27. وكان يقول أشياء كثيرة من (العلم) وهو مغمى عليه..

- في آخر يومين كان كلما أفاق من إغمائه وهو على الفراش شخص ببصره إلى السماء وحدَّق بعينيه بشدة ووجهه يملأه السرور والحبور والبهجة ـ كأنه ليس مريضًا ـ ويشير بيديه إلى السماء، قائلًا: (أقبلوا .. تعالوا) ويحاول أن ينهض. وقد حدث هذا الأمر حوالي خمس مرات..

- وفي الموعد.. جاء الأجل، بعد الظهر بنصف ساعة.. نهض، وكأنه صحيح معافى؛ وأوصى أهله، ونطق بالشهادتين، وخرجت روحه بخفةٍ وسهولة..

- كان ذلك يوم الإثنين 12 من جمادى الأولى 1431 هـ، الموافق 26 من أبريل 2010 م. بعد صراعٍ مرير مع مرضٍ عضال. وقد صُلّي عليه في مسجد المواساة، ودفن في مدافن المنارة، بحي الحضرة، الإسكندرية..

- سألته مرة، ونحن نقرأ في شذور الذهب: (كيف يكون بِّري بك بعد موتك؟) قال: (بالمذاكرة، والاجتهاد في العلم والعمل).


· نبذ من كتاباته وأقواله:

- إن مطلق العبودية لله تعالى.. لهي مطلق الحرية للعبد.

- لولا الإسلام.. لتأخرنا، وتأخرت لغتنا أكثر من ذلك.

- الزم السماحة والوسطية والإيغال في الدين برفق.

- العلم سؤال.

- احتكاك الحجارة يومض نارًا؛ فما بال احتكاك العقول.

- الجامعة أستاذ، والأستاذ الحق جامعة؛ وما تذكر جامعة على مر التاريخ إلا ويقال إن فيها فلانا وفلانا من الأساتذة، ولا يذكر أستاذ إلا ويقترن به اسم جامعته... أساتذ شق لنفسه في العلم مجرى تدفقت فيه ومنه مياه كثيرة.

- من أعجب العجب في حياتنا العربية المعاصرة أن مشكلة ما قد تنشأ، وتظل تنمو وتتضخم، ثم لا يكون منا إلا نعايشها المعايشة الودودة؛ لأننا أهل أُلفة وأصحاب عِشْرة، وتسودنا في نهاية الأمر حالة مستتبة من الطمأنينة، ومن السكينة، يحسدنا عليهما غيرُنا من خلق الله.

- ومن عجب أننا كثيرا ما نتجاهل الحقائق الماثلة بين ظهرانينا من كثرة إلفنا لها.

- الأستاذ لا يستحق صفة الأستاذية إلا بما يخلف من تلاميذ.

- مهما يبلغ الإنسان من العلم.. فيجب عليه ألا يفقد القدرة على التلمذة.

- يجب أن ندرك أنه ليس أحد فريدا في بابه؛ بل هو حلقة في سلسلة طويلة مضيئة منذ اجتهادات الخليفة الأول إلى يومنا هذا.

- أن تكون أستاذا.. يعني: أن تكون طالبا دائما للعلم؛ وإذ ذاك، يتحول لديك مقياس الزمن إلى مقياس واحد.. هو مقياس الإنجاز في طلب العلم.

- لا طريق إلا طريق العلم.. ولا علم إلا بإخلاص.

- إننا الآن نعيش عصرًا تتفجر فيه المعرفة، ويتلاصق الإنجاز العلمي في إيقاع سريع، وليس من حقنا أن ننجرف مع السيل، وليس من حقنا أيضًا أن نتخلف عن الركب؛ فالمعرفة العصرية لا تعرف السدود وإنما هي تقتحم علينا حياتنا من كل سبيل، مقصودة مرصودة، تتكالب عليها تيارات من كل مكان، تتغير وسائلها وأدواتها وتتوحد غاياتها. وهي تيارات تتوجه إلى شبابنا على وجه الخصوص، وما ينبغي لنا أن نواجهها بالخطبة البليغة، أوبالعبارة الرنانة، وإنما الأمر أمر علم، فهو أخطر طريق، وهو أصح طريق. وأول هذا الأمر أن نعرف ما نملك، وأن نقدمه للناس على ما ينبغي أن يكون التقديم.

- ثمة حقيقة راسخة لا يجادل فيها أحد؛ هي أن العربية لغة طبيعية كغيرها من اللغات الطبيعية في العالم، لكنها في الوقت نفسه تكاد تمثل حالة فريدة لا يشركها فيها غيرها من اللغات؛ فهي اللغة المعاصرة الوحيدة التي اتصل تاريخها اتصالا كاملا دون انقطاع منذ وصلت إلينا نصوصها الأولى قبل ستة عشر قرنا من الزمان.

- أود أن أؤكد أن ثمة مبدأين يجب أن يكونا أصلين في كل ما نصدره الآن وفيما يقبل من الزمان: الأول- أنه لا تنمية، ولا تقدم، ولا تحقيق للذات دون تعليم صحيح. الثاني- أنه لا تعليم صحيح في بلادنا دون تعليم حقيقي للغة العربية. وهذان المبدآن كليان Universal ينطبقان على البشر جميعا، لا يرتكنان إلى شيء من العاطفة أو الانتماء القومي والثقافي، بل يستندان إلى نتائج ودراسات علمية تؤكد أن المعرفة لا تكون إلا إذا سكنت لغة أصحابها.

- نحن في حاجة إلى تغيير جوهري في التعليم وليس إلى إصلاحه على ما يتنادى به الناس.

- من معضلات الحياة العربية المعاصرة أننا حين نتصدى لقضية ما لا ندرسها درسا يشمل عناصرها في آن واحد، بل يغلب علينا بحث كل عنصر في صورة منعزلة.

- قد يكون من نافلة القول أن نؤكد أن مناهج التعليم إنما هي تطبيق لمواقف نظرية، بعضها يناقض بعضها الآخر مناقضة كاملة في أسسها الفلسفية، وأن النظريات تبقى تجريدات ما لم تتحول إلى واقع فعلي يمارسه الناس ممارسة حقيقية. وأن أفضل المناهج هي التي يستخلصها كل مجتمع بما يناسب خصائصه الثقافية والتاريخية.

- الأديب العربي الحق هو الذي ينبغي أن يؤسس أدبه على فكر عربي وعلى ذات عربية وهؤلاء الذين ننتظر منهم الدور.. ويجب أن يكون النضال ليس بالإشعار وإنما أن نعرف ذاتنا حق المعرفة.. وأنا أشك في وضوح الذات العربية في الأجيال العربية المعاصرة وأتصور دور الأديب العربي الحقيقي هو أن يصل إلى عمق الذات العربية وأن يشعر بها كل فرد في العالم العربي.

- الذي نراه أن خصائص المنهج العربي لا ينبغي أن نفتش عنها عند أرسطو أو عند الهنود وإنما نتحراها فى البيئة الإسلامية وبخاصة عند الفقهاء والمتكلمين.

- الذي لا شك فيه أن علوم اللغة عند العرب نشأت فى ظلال القرآن، وأنها وغيرها من العلوم كانت تهدف إلى خدمة النص الكريم.

- يعيش العالم الآن عصر العلم ولكن العرب لم يدخلوا هذا العصر إلى الآن، والتخلف الذي نعيشه يرجع في أساسه إلى غياب المنهج، وأود أن أؤكد أنه لا يقتصر على موضوعات العلم، وإنما هو أداة تعالج بها كل جوانب الحياة في: السياسة، والاقتصاد، والأدب، والطب، واللغة، والكرة، والسباحة، والطهو، وطريقة تناول الطعام، وتنظيم الوقت، وتوزيع العمل... إلخ.

- سنة الله تعالى في الكون قد اقتضت ألا تكون هذه الحياة على هيئة واحدة، وإنما تتعدد وتتنوع وتختلف باختلاف المكان والزمان. من هنا لم يكن تنظيم الإسلام لقواعد الحركة في الحياة تنظيما واحدا جامدا لا يتغير؛ بل وجدنا فيه على امتداد تاريخه تنوعا وتعددا واختلافا يصدر في أصله عن هذه السنة الإلهية في الكون.

- إذا كان الخطباء يرفعون أصواتهم بأن رسول الله ترك هذه الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.. فينبغي أن نفهم من ذلك أنه لا مكان لغموض أو تغافل أوتجاهل، بل نلقي الضوء على كل ما يجد أمامنا في الحياة ولا نترك فيه نقطة واحدة يلفها الظلام.

- حين أراني في المجمع العريق أعلم علم اليقين أن ذلك حصاد أجيال متوالية من المربين والمعلمين، أسهم كل واحد منهم في صناعة إنسان.

- لنذكّر قومنا - دائمًا - أن التنمية لا تتحقق بالتخطيط الاقتصادي والسياسي فحسب، بل يستحيل وجودها ما لم تقم على قاعدة لغوية مكينة.

- من أسف أن أشير إلى أن المواطن الفرنسي الذي يعلّم الفرنسية خارج وطنه يعفى من الجندية؛ فهم يجعلون تعليم اللغة الوطنية مناظرًا لحماية تراب الوطن، وهذا حق، فكيان الأمة ولغتها لا ينفصلان.

- لقد أمرنا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، وأمرنا بإتقان العمل؛ فكيف تكون محاسبة النفس إن لم تكن مراجعة ما تعمل؛ ننظر فيه، ونختبره، ونعدّله، أو نعدِل عنه. وهذه مسألة جوهرية ما ينبغي لنا أن نغض الطرف عنها، أو أن نرجئها إلى حين الانتهاء من كيت وكيت، وإنما المراجعة الدائمة مطلوبة، وليس ثمة عمل بشري كامل على الإطلاق. وإني لأشهد الله أن كثيرًا مما نعلِّمه في حاجة إلى مراجعة، وعلى أخص الخصوص تعليمنا للعربية.

- ليس من العدل أن نتغافل عن الحقائق الصارخة، بل الواجب الفرض أن نتعلم كيف نعلِّم، وألا يتوقف لنا سعي في سبيل الإتقان. ولنعلم أن العلم لا يمكن أن يكون فرديًّا، وإنما العلم جماعة، وكيف نفهم الشورى إن لم تكن احتكاك عقل بعقل، يتولد عنه الضوء الذي ينير الطريق.

- إن وجود عامية وفصيحة شيء طبيعي في اللغات، والقضية قضية تعليم.. والذي أود أن أؤكده أنه لا توجد ازدواجية لغوية في العالم العربي، لأن العاميات ليست من لغة أخرى.. والعربي الأمي يفهم الفصحى ويستجيب لها، وإن كان لا ينتجها، وعلينا أن نبحث عن مكمن الخطر في مجال آخر، وآراه في تعليم العربية.

- يجب أن نعترف بأننا تخلفنا عن الركب.. ففي عصور الازدهار كانت العربية نموذجا لكل اللغات، وكان العلماء يقلدون النحاة العرب كما حدث في الأندلس.. أما الآن فنحن لم نصنع شيئا، ولم نتقدم خطوة، لا من حيث الإفادة من الدرس الحديث فحسب؛ بل من حيث إدراكنا الحقيقي للتراث.

- ليس هناك عائق أمام ازدهار العربية في العالم المعاصر إلا شيء واحد، هو أن ندرك أنه لا طريق إلا طريق العلم.. ولا علم إلا بإخلاص.

- لا توجد الآن مدارس نحوية في العالم العربي، ولا توجد تيارات فكرية حقيقية، وإنما يوجد على أحسن تقدير لغويون مستهلكون، يتبعون اتجاها لغويا هنا أوهناك، وهذا الاتباع يفتقد التمثيل في الأغلب، فضلا عن أنه يفتقد المشاركة الفاعلة.

- علينا أن نعترف بأن نشاطنا اللغوي في العربية مريض، والعافية موجودة ظاهرة، لكننا نتنكب الطريق.

- اللغة حركة الإنسان، وسكونه، وفعله، بل هي هو تلازما وجوديا.

- ما من سلوك مرفوض إلا وراءه شهوة تصم الفرد والمجتمع بالتأخر، وتكشف عن نقص حقيقي في فهم الإسلام.

- (استووا واعتدلوا، استقيموا يرحمكم الله)؛ ماذا يفهم المسلمون الآن من هذا النداء العظيم؟إن استواء الصف في الصلاة ليس سوى رمز لاستواء مجتمع المسلمين، وما الاستواء والاعتدال والاستقامة إلا الانضباط، واحترام القواعد التي يستقر عليها أهل الرأي لصلاح المجتمع وتقدمه.

- ليس من بيننا أحد يشك في أن أهم قضية تواجه العالم العربي قضية التعليم، فإما أن يكون لدينا تعليم حقيقي ملائم وإما ما تعلمون جميعا، وليس من بيننا أحد يشك في أن تعليم اللغة الأولى قلب أي تعليم، وحين يصيب هذا القلب خلل ما ينهار هذا التعليم من أساسه.

- إن أهم خصائص المواطنة أن يشترك الناس جميعا في أمور وطنهم، ولا يتحقق ذلك إلا بوجود أساس ثقافي ومعرفي مشترك يطلق عليه المختصون الجذع الثقافي للوطن، وهذا الجذع يتآكل كل يوم بفعل الواقع البائس للتعليم العام.

- إن الحياة الإنسانية لابد أن تعتمد على ما عندها أولًا، وعليها أيضا ألا تغمض عينها على كل ما يحدث في العالم، وأن تتصل به وتعرفه وأن تتمثله، وأن يصدر عنها بعد ذلك أي تطور صدورا داخليا ممتزجا بمكوناتها الذاتية.

- اللغة العربية لغة طبيعية مثل اللغات الطبيعية الأخرى، لكنها تختلف عنها اختلافا أساسيا، فهي لغة ممتدة التاريخ، حياتها موصولة غير منقطعة، ومن ثم فإن ما حدث من تغيير جوهري في الإنجليزية والفرنسية والألمانية لم يحدث في العربية وهذا الاتصال في الحياة جعل الفصحى المعاصرة قريبة جدا من فصحى التراث.

- مسألة العامية والدعوة إلى استعمالها أمرها معروف، وأظن أنه من الخير ألا نلقي إليها بالًا، لأنها دعوة تقتل نفسها بنفسها، ونحن نعرف المحاولات التي بدأت منذ القرن الماضي، انتهت جميعا إلى الفشل، وليس غريبا أن نرى الذين يدعون إلى العامية يستعملون الفصحى في دعوتهم، لأنها هي التي ترتبط بعقول الناس ووجدانهم فضلا عن أنك لا تستطيع أن تخاطب العرب في جميع أقطارهم إلا باللغة التي يفهمونها جميعا وهي الفصحى، وأصحاب الدعوة إلى العامية يسعدون حين يجدون من يتصدى لدعوتهم بالنقد لأن هذا وحده يعطي دعوتهم شيئا من الحياة.

- أؤكد أن الحرب على العربية ليس مقصورا على الدعوة إلى استخدام العامية أو إلى كتابة العربية بحروف لاتينية أو فينيقية أو غيرها. فهاتان دعوتان تحملان الموت الذاتي منذ البداية، لكن الحرب الحقيقية الآن فيمن يستعمل العربية في أنماط غير عربية، بحيث نجد كلاما عربيا من حيث الأصوات لكنه موضوع في قوالب تعبيرية لا تمت إلى الثقافة العربية ولا إلى المعرفة العربية.

- النحو العربي نشأ لمواجهة اللحن الذي بدأ يتفشى في المجتمع الإسلامي بعد اتساع الفتوح؛ وأعتقد اعتقادا قويا أن هذا يجافي الحقيقة، لأن النحو نشأ مع العلوم الإسلامية الأخرى لهدف محدد هو محاولة فهم النص القرآني ومسألة الفهم مسألة لا نهاية لها، إذ لا يقال إن نصًّا ما قد فُهِم الفهم الأكمل الذي لا محاولة بعده، ومن هنا كان لابد من الأخذ بالأدوات التي تعين على فهم نص القرآن الكريم.

- لاشك أننا مقصرون جدا في تقديم التراث؛ لأننا مقصرون في درسه وفي فهمه.

- لا ننكر إفادتنا من جهود الاستشراق؛ لكن علينا أن ننبه إلى اختلاف الغايات واختلاف المناهج.

- يكاد الإجماع ينعقد على أن تعلم أي شيء لا يحدث في فراغ، أي إن التعلم لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان مرتبطا بشيء معروف لدى المتعلم، ومن ثم فلابد أن يجري التعلم في سياق مألوف. وهذا القانون الأساسي من قوانين التعليم هو الذي ينتج القاعدة المعروفة عن ضرورة الانطلاق من المألوف إلى غير المألوف.

- الذي لاشك فيه أن الخطاب هو الأساس في النشاط اللغوي.

- يستحيل التقدم في عمل علمي حقيقي دون وجود إطار نظري يحكمه ويحدد مساره.

- اللغة تعلم الأخلاق، وتبني الفكر، وتقوي الشخصية.

- إذا كتبت شيئا.. فانظر فيه مرة أخرى.

- متى ضاعت اللغة.. ضاع مستقبلنا.

- كن شمعة تحترق لتضيء للآخرين.


وبعد، فإنني أود أن أنوه بما قدمته دار الصحابة للتراث بطنطا من مجهود في إعادة نشر جميع ما أنتجه الأستاذ الدكتور عبده الراجحي؛ كما أطمع من الله تعالى وحده أن يتقبل ذلك منا، ويجعله خالصا له سبحانه.

الحمد لله رب العالمين.


وكتبه
محمود عبد الصمد الجيار





السبت، 7 أكتوبر 2017

رد الدكتور عبد الكريم جبل على الكاتب خالد منتصر








(جامعة طنطا) وليست (صالة الأحباب لحفلات أفراح الطلاب)
قراءة في مقالة (د.خالد منتصر) عن جامعة طنطا (وغيرها)







أ. د. عبد الكريم محمد جبل




تضمَّنتْ صحيفة «الوطن» اليومية الصادرة يوم الخميس (5/10/2017م)، في صفحتها الخامسة، مقالةً للطبيب «خالد منتصر» بعنوان «انتفضنا لاختلاس قُبْلة وامتعضنا لاختلاس عقل»، (انتصب) فيها قلم سيادته منافحًا عما حدث بين طالب وطالبة في حرم جامعة طنطا على مشهد من زملائهما، ومهاجمًا ردّ فعل إدارة الجامعة إزاء هذه المهزلة الأخلاقية غير المسبوقة، ومهاجمًا الجامعات المصرية والسادة أعضاء هيئات التدريس بها بوجه عام.




وقد حشا سيادته مقالته تلك بركام من «تُرَّهات البسابِس» التي يُغبَط على قدرته على (حَصْرها) معًا في (مثانة) واحدة: فمن عموميات جزافية، وإساءة أدب، ومكاشفات صوفية، إلى مغالطات فِجّة (بكسر الفاء)، وافتراضات عبثية، واستحضار ساخر لأثر إسلامي ثابت، ثم انتهاءً بـ«حل بديل» تتقاصر دون الوصول إليه عبقريات فقهاء القانون والتربية. ودونك أيها القارئ الكريم المُبتَلى بقراءة مثل هذه الترهات بيانًا بما أجملتُه:






• فمن العموميات الجزافية التي اختلط فيها العامّ بالخاص، قولُ سيادته – وما بين قوسين مربعين هو من كلامي: «المجتمع [المصري] غارق حتى أذنيه في الفساد الأخلاقي»، وقوله: «الجامعات صارت بِرَكًا آسنة [أي: منتنة] من الدكتوراهات المزيَّفة»، وقوله: «مجتمع علَّمنا أنِ افْعَلْ في السِّرّ تَنجْو [هكذا بالواو، والصواب حَذْفها (تنجُ)]، ونافقْ في العلن تصير [هكذا بالياء، والصواب حَذْفُها (تَصِرْ)] مرضيًّا عنك»، وقوله عن مجتمع المصريين إنه لا يهتز لمن يأكلون من أكوام القمامة، ولكنه «يصاب بالهستيريا إذا شاهد لمسة يد بريئة على الكورنيش».
وهكذا يشرِّق سيادته ويغرِّب، ويخلط العامَّ بالخاص، غافلًا – أو متغافلًا – عن تجذُّر القيم الدينية السمحة في الشخصية المصرية، ونفورها مما يصادمها، نفورًا طبيعيًا لا (هستيريا)، وغافلًا- أو متغافلًا- عن أن«الأضداد الأخلاقية»توجد في كل مجتمع، وفي كل زمان ومكان، وغافلًا- أو متغافلًا- عن احتشاد الجامعات المصرية بالآلاف من العلماء الجادّين الشرفاء، وغافلًا – أو متغافلًا – عن مبادرات التكافل الاجتماعي التي يسارع إليها عموم المصريين الموسرين، حين يتثبتون من مصداقية القائمين عليها.






ثم ما شأن كل هذا «الركام» من العموميات غير العلمية بحادثة خاصة تمثل مخالفة (قانونية) صريحة؛ تستوجب أن يُحاسَب عليها مرتكبها، وأن يوقَّع عليه العقاب التأديبي الذي ينص عليه القانون، إذا ثبتت إدانته؟!






• وأما إساءة الأدب والتعريض – بالضاد المنقوطة-، فمن أمثلته قوله عن أساتذة الجامعات إنهم «شيوخ منصر»، وقوله عن رؤساء الجامعات إنهم قد«صاروا مطوعين بعد أن انتهى عصر المطوعين» [المطوع كلمة شائعة في بعض دول الخليج – وخاصة السعودية- للتعبير عن «الواعظ»]، وعن عمداء الكليات إنهم قد أصبحوا «هيئة أمر بالمعروف». وفي هذا وما سبقه تعريضٌ ساخر بهيئات ارتضتها دول عربية شقيقة للقيام بمهام معيَّنة، وكلٌّ حُرٌّ فيما يرتضيه، ما دام لم يفرضه على الآخرين.






• وأما المكاشَفات الصوفية التي لا تتأتَّى إلا للعارفين بالله بعد طول صبر ومجاهدات روحية، فتتمثّل في أن سيادته قد كُوشف بما دار في قلب رئيس الجامعة وعقله حين أصدر قراره بتحويل الطلاب للتحقيق، وذلكم هو«... أنا أخلاقيّ... أنا أكثر منكم تديُّنًا... أنا ستين عتريس في بعض»!!! وكأنه كان من المفترض إزاء ما حدث أن يقوم رئيس الجامعة والسادة العمداء بحمل المشاعل والأبخرة، متحلِّقين حول العروسين، في زيٍّ موحَّد، رافعين أصواتهم بأغنية «يا دبلة الخطوبة ...»؛ ابتهاجًا بهما في (حرم) الجامعة!!!






• وأما المغالطات الفِجَّة، فمنها قول سيادته: «مسموح بسرقة عقل، ومباحٌ سرقة جُهْد الآخَرين...». وأسائل سيادته: من أين أتيتَ- لا جَفّ مِدادُ قلمك (المنتصب) – بهذا «السماح»، وذلك «المباح»؟ ألم يبلغك تحويل المدَّعَى عليهم بالسرقات العلمية إلى «مجالس تأديب»؟وتلك هي الآلية التي ينص عليها «قانون تنظيم الجامعات»، بعد انتهاء التحقيقات الأولية. ثم ألم يبلغك قرارات «عزل» بعض أعضاء هيئات التدريس – وهم قِلّة – بعد ثبوت اتهامهم بالسرقة العلمية في مجالس التأديب بالجامعات المصرية المختلفة؟!






• وأما الاستحضار الساخر لبعض ما ورد في الأثر الإسلامي الشريف الثابت في صحيح السنة النبوية، فيتمثل في قول سيادته عن رئيس الجامعة: «... خرج علينا صارخًا: هاهو عرش الرحمن قد اهتزّ لتلك الفعلة الشنعاء، والحضن الفاسق الفاجر...»!!!






• وأما الافتراضات العبثية، فكقول سيادته: «نفس الطالب من الممكن أن يتبوّل على حائط الكلية بكل أمان... لكنه لا يستطيع أن يُحِبّ... فالعيون لا تراقب مثانات الطلبة، ولكن تراقب قلوبهم»!!!
ما هذا العبث؟ هل تأسس ردّ فعل إدارة الجامعة إزاء هؤلاء الطلاب على مراقبة ما دار في قلوبهم؟ أهي مكاشفة صوفية أخرى؟! أم تُرَى أن ما حدث لم يكن مشهدًا حسيًّا واقعيًا تدركه الأبصار، وتعيه الآذان، وكان مشهدًا روحيًا بتقنية الاستشعار عن بعد؟!!!






• وأما الحل البديل (العبقريّ)، فيطرحه علينا النِّطاسيّ البارع في أحشاء مقالته القولونية حلًّا رائعًا رائقًا (حُنَيِّنًا) بديلاً عن المحاسبة التأديبية (الإجرامية في نظره) لهؤلاء الطلاب... حلًّا لا يخلو كذلك من (أحضان)، يقول سيادته مثرِّبًا على رئيس الجامعة إنه «لم يحتضن طلبته، ويتصرف معهم تربويًّا، ويتفهَّم هذه السِّن الحرِجة»!!!!!






فيا أيها الزملاء الأعزاء من أعضاء هيئة التدريس: إذا رأيتم مثل ذلك – أو ما هو فوقه أو دونه - في إحدى قاعات الدرس،أو المعامل، أو على السلم... إلخ، فإياكم وأن تتخذوا إجراءً لمحاسبة من تورطوا في ذلك، بل عليكم أن تحتضنوهم (احتضانًا تربويًا بالطبع). ويا فقهاء القانون سارعوا إلى تغيير عنوان بند العقوبات التأديبية بقانون تنظيم الجامعات ليصير بعنوان «الاحتضانات التربوية في لقاءات الحُبّ الجامعية»!!






وأقول أخيرًا للسيد الطبيب خالد المنتصر (والمنتصب) دفاعًا عما حدث: إن ما حدث في حرم الجامعة يمثل مخالفة (قانونية) صريحة، استوجب مرتكبها المحاسبة، فما وجه تقزُّزكم من ذلك؟ وتُرَى ماذا تكــون تَبِعة التساهل في التعامل مع هذه (الحادثة)؟ ألم يكن في هذا التساهل – بفرض حدوثه- فتح لأبواب واسعة من التسيّب الأخلاقي الذي لا يقره شرع سماوي ولاقانون مدني؟ ألم يكن في هذا التساهل – بفرض حدوثه- إذكاءٌ لجَذوة التطرف في الجانب الآخر الذي يكابد وطننا الويلات من جرّائه كل يوم؟ أتجيز جامعات العالم المتقدم مثل ذلك في باحاتها؟ أليس لكل مقام مقال؟ وماذا لو أن هذه [الحفلة] نُظمت في قاعة محكمة على مرأ ى ومسمع من السادة القضاة؟!






حفظ الله جامعات مصر التي تحتشد بالآلاف من العلماء الجادّين الشرفاء، وأعانها على حسن القيام بواجباتها التعليمية والتربوية، بالرغم من شراسة التحديات والصعوبات التي يكابدها عموم أعضاء هيئات التدريس بها، مما لا أظنه يخفى على كاتب هذا المقال. وأدام الله على وطننا تديُّنه المعتدل السمح، ونفوره الطبيعي مما يصادمه، ولا قامت لمثل هذا النعيب قائمة... وعند الصباح يحمد القومُ السُّرَى.

السبت، 4 مارس 2017

العلامة اللغوي أ. د. محمد حسن جبل








إطلالة على سيرته الشخصية ومساره التعليمي:


ولد- طيَّب الله ثراه- في (10/3/1931) بقرية "تيدة" التابعة لمركز"سيدى سالم"، بمحافظة كفر الشيخ. لأبوين صالحين، حيث كان أبوه (الشيخ حسن حسن رزق جبل) يعمل مدرسًا ومحفظًا للقرآن الكريم بمدرسة قرية "تيدة". وكان من كبار السادة الصوفية الشاذلية فى تلك الجهة، وينتهي نسبه الأدنى إلى سيدى "محمد الشنّاب" الذي يقع مقامه بقرية "نوسا البحر/ الغيط". بمركز "أجا" (محافظة الدقهلية).


وقد أتم العلامة أ. د. محمد حسن جبل حفظ القرآن الكريم في سن الثانية عشرة. ثم التحق بمعهد دسوق الديني الأزهري، حيث أتم به الدراسة الابتدائية (تسمى الإعدادية حاليًا) في مايو 1947م. ثم انتقل إلى مدينة طنطا، ليلتحق بالمعهد الأحمدي، حيث أتمّ دراسته الثانوية – وكانت مدتها خمس سنوات – في مايو 1952م.


وقد حصل في الوقت نفسه تقريبًا – وعن طريق الدراسة المنزلية – على ما كان يسمى شهادة الثقافة (1952م)، ثم ما كان يسمى بـ"التوجيهية"- وهي الثانوية العامة الآن" – في (1953).


ثم التحق بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وكانت تحتشد بالأكابر من أهل العلم والفضل الذين درّسوا له، ليحصل منها على الشهادة العالية في مايو (1956م) بمجموع درجات يساوى تقدير "جيد جدًا".


وفي الوقت نفسه، تقريبًا، التحق بكلية الآداب- وقد أهله للالتحاق بها حصوله على الثانوية العامة كما سبق ذكره- قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية، وحصل منها على درجة الليسانس فى مايو (1957م)، بتقدير "جيد".


وأعقب ذلك حصوله على دبلوم عام في التربية من جامعة عين شمس (1956م) ثم حصوله لاحقًا على دبلوم خاص في التربية من الجامعة نفسها في (19655م)


ثم شاء الله تعالى له أن يغير مساره التعليمي التربوي، فيلتحق فى (1965م) بكلية اللغة العربية بالقاهرة للحصول على درجة الماجستير في أصول اللغة. وكان نظام الدراسة للحصول على هذه الدرجة، آنذاك، هو دراسة سنتين، بامتحان في نهاية كل سنة، ثم بتقديم بحث (= رسالة صغيرة) في نهاية السنة الثانية، يناقش مناقشة علمية. وقد وفقه الله تعالى للحصول على هذه الدرجة في (1967م).


ثم واصل دراسته في الكلية نفسها، ليحصل منها على درجة الدكتوراه- بعد تسع سنوات من العمل الدءوب- في تخصص أصول اللغة (= فقه اللغة/ علم اللغة)، في (1976م). وكان عنوان رسالته: "أصول معاني ألفاظ القرآن الكريم"، بإشراف أ. د. إبراهيم نجا، ومناقشة كل من أ.د.إبراهيم بسيوني (كلية اللغة العربية بالقاهرة)، وأ. د. عبد الصبور شاهين (كلية دار العلوم- جامعة القاهرة) رحمهم الله أجمعين.


الوظائف التي عمل بها:


- بحصوله على الشهادة العالية(1956م)، وعلى الدبلوم العام في التربية، عُيَّن – برّد الله ثراه- مدرسًا للغة العربية بمدارس وزارة التربية والتعليم (إعدادي – ثانوي – فني- معلمين) بدءًا من (22/10/1957م) حتى (6/9/1977م) (أي مدة عشرين عامًا تقريبًا).


- في أثناء عمله بوزارة التربية والتعليم أُعير مرتين: الأولى: إلى دولة "سيراليون"- بغرب أفريقيا- في المدة من أبريل 1961م، حتى سبتمبر 1964م. وقد درّس فيها مواد اللغة العربية والدين الإسلامي بمدارس ابتدائية، ثم ثانوية، كان لجهوده – وجهود زميل آخر معه- الفضل في إنشائها. وحصل على خطاب شكر من وزارة التربية والتعليم، لجهوده في تعليم العربية والإسلام في تلك الدولة النائية.


الثانية: إلى دولة "نيجيريا"، بدءًا من نوفمبر (1972م) حتى (1975م)، حيث درّس علوم العربية والإسلام بكلية "الآداب والعلوم العربية"، بمدينة "سُكُتو"، بشمال نيجيريا.


- بعد حصوله على درجة الدكتوراه، في أبريل (1976م)، عُيَّن مدرسًا لأصول اللغة، بكلية اللغة العربية بالمنصورة. وتسلم عمله فيها في (7/9/1977م).


- ترقّى في السلم الأكاديمي (والإداري) الجامعي بعد ذلك: فحصل على لقب "أستاذ مساعد" في (1982م)، ثم على لقب "أستاذ" في (1988م)، ثم عُيَّن وكيلاً، فعميدًا للكلية لمدة ثماني سنوات متصلة، بدءًا من (1988م) حتى (1996م). ثم عُيَّن "أستاذًا متفرغًا" بالكلية نفسها من (1996م) حتى (2001م).


- ثم انتقل انتقالة مباركة إلى كلية القرآن الكريم، بطنطا، ليعمل بها من (2001م) حتى انتقاله إلى جوار ربه في (24/3/2015م)؛ فكان انتقاله إلى هذه الكلية المباركة أحد أهم أسباب تثبيت دعائمها.


- خلال عمله بكلية اللغة العربية بالمنصورة، أعير لمدة أربع سنوات (1984- 1988م) إلى كلية اللغة العربية (جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية)، حيث ترك بها أثرًا طيبًا، وربي فيها جيلاً من الباحثين، ما زالوا يذكرونه بكل خير حتى الآن.


النتاج العلمي:


بارك الله في النتاج العلمي للعلاّمة أ. د. محمد حسن جبل، كفاء جِدّه وإخلاصه التامين، فخلّف نتاجًا بالغ النفاسة يمثل كل عمل فيه معلمًا من معالم التأليف في بابه، في عصرنا هذا، ولعصور قادمة، إن شاء الله. وقد توزع نتاجه الدراسات اللغوية، ثم الدراسات القرآنية.


من أعماله اللغوية:


- كتاب "المختصر في أصوات اللغة العربية" الذي حرّر فيه مخارج أصوات العربية، وصفاتها، وحلّ عضال الأصوات المشكلة (الضاد- القاف- الطاء) ... إلخ.


- كتاب "المعنى اللغوي" الذي أصّل فيه لنظرية عربية في "المعنى"، تقف شامخة أمام سائر النظريات الأوربية، مع نقده لهذه الأخيرة نقدًا علميًا موضوعيًا.


- كتابه "علم الاشتقاق" ففيه وضع شبه كامل لحدود هذا العلم، ومسائله، وتقسيماته مما لم يسبق إليه، بحيث صارت بعض مباحث هذا (العلم) مقترنة الاقتران كله باسم أ. د. محمد جبل. - كتابه "علم فقه اللغة" تأصيل لهذا العلم، ومباحثه، كذلك، ودرء لشبهة النظر إليه على أنه "فن" لا "علم".


- كتابه "الاستدراك على المعاجم العربية" استدراك غير مسبوق على أكبر معجمين عربيين (لسان العرب لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي).


وأما مؤلفاته المتعلقة بالوحي الأقدس، فمنها:


- كتابه "وثاقة نقل النص القرآني من رسول الله إلى أمته" الذي عيَّن فيه عددًا من الصحابة الذين عرضوا القرآن الكريم على النبي الأكرم، ممن لم يذكروا في هذا الصدد من قبل، وحدّد صور تبليغ النبي الأكرم القرآن الكريم لأصحابه شفهيًا... إلخ.


- كتابه "التلقي والأداء في القراءات القرآنية" الذي حرّر فيه بعض مصطلحات هذا الفرع المعرفي، وحرَّر المشكلات الخاصة بأداء بعض الأصوات ... إلخ،


- كتابه "الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر في مطاعنه على القراءات القرآنية" وفيه ردّ علمي موضوعي على هذه المطاعن.


كتابه "القضية القرآنية الكبرى: حديث نزول القرآن على سبعة أحرف". وقد وفّقه الله تعالى- فى هذا الكتاب- لوضع تفسير علمي رصين مؤصل لهذا الحديث الذي كثر الكلام حول تفسيره بين القدماء والمحدثين دون حسم.


- كتابه: "من القضايا الكبرى في القراءات القرآنية" الذى وفّقه الله فيه – كذلك- إلى حل بعض المشكلات العويصة، مثل: نزول القرآن بلغة قريش، والفرق بين القرآن والقراءات، وغيرهما.


- ثم كان درّة نتاجه العلمي الفذ: "المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم" الذي صدر في أربعة مجلدات كبيرة. وهو المعجم الذي أصّل فيه لغويًا لمعاني ألفاظ التنزيل العزيز، تأصيلاً علميًا رصينًا مكينًا. وقد غدا هذا المعجم منذ ظهوره – وقد نفدت منه طبعتان- حديث العلماء في الشرق والغرب، واعتمدته بعض المؤسسات العلمية المرجع اللغوي الأول لتفسير مفردات القرآن الكريم. وبهذا المعجم – فضلاً عن التأصيل لمعاني هذه المفردات – إضافات جِدّ نفيسة في مجال فقه اللغة.


وللعلاّمة الجليل مؤلفات أخرى غير المذكورة (دفاع عن القرآن الكريم- التقاء الساكنين في القراءات القرآنية- الاحتجاج بالشعر في اللغة- الموجز في علم الدلالة... وغيرها). كما أنه خلّف خمسة كتب لم تطبع بعد، ولكنها معدة إعدادًا نهائيًا لذلك. وتتميز هذه المؤلفات، في مجملها، بالأصالة التي جعلها شعارًا لمؤلفاته (حيّ على الأصالة)، وباقتفاء المنهجية العلمية الصارمة، وبالموسوعية، والعقلية الناقدة التي شربت علوم الأزهر الشريف الأصيلة، وتمثلتها، وغذتها بالمعرفة الفلسفية المنطقية التي تأتت له من الدراسة بكلية الآداب.


هذا إلى الإخلاص والتقوى التي أوصلته إلى مرتبة"الولاية"؛ مما أثمر – في نهاية المطاف- نتاجًا علميًا بالغ النفاسة، سيظل- بتوفيق الله تعالى ورضاه- حيًّا غضًّا، بأصالته وإضافاته الوافرة من ناحية، وبتعلقه بالتنزيل الخالد من ناحية أخرى.


أخلاقــــه:


وأما أخلاقه ودينه- رحمه الله- فقد كان آية من آيات الالتزام بشرعه تعالى، وسنة نبيه الأكرم: شاب نشأ في عبادة الله، ثم قضى عمره كله: إما قارئًا، أو مؤلفًا، أو معلَّمًا، أو عابدًا، أو واصلاً للرحم، أو زائرًا لآل بيت النبي الأكرم، وأولياء الله الصالحين، أو مشتغلاً بغير ذلك مما هو من باب العلم، أو العبادة بمفهومها العام، حتى بلغ مرتبة "الولاية"، كما شهد له بها من عرفوه هنا، أو هناك. هذا، إلى نفس زكية، وبديهة حاضرة، وروح هاشة باشة، ودعابة لا إفحاش فيها.


وقد أزكى ذلك كلّه تصوّفه السنيّ الذي شربه من والده، ثم من العهد الصوفي الجودي النقشبندي الذي أخذه من العارف بالله العلاّمة الوليّ التقي أ. د. جودة أبو اليزيد المهدي (رفع الله درجاته في عليين، وكان أستاذًا لعلوم القرآن، وعميدًا لكلية القرآن الكريم، ثم نائبًا لرئيس جامعة الأزهر الشريف)، وذلك تصديقًا لرؤيا رآها، لتدوم علاقتهما ومحبتهما في الله، وفي الطريقة، ما يربو عن ثلاثين عامًا.


وأما كراماته، ورؤاه الصالحة، وما رآه الآخرون بحقه، فذلك مما ندعو العليّ الأعلى أن يفسح لنا من الوقت والجهد، ما يكفي لنعرض له- ولسائر جوانب سيرته الشخصية والعلمية- في عمل علمي كبير يليق بمكانته.


رحم الله العلاّمة التقي النقي النقشبندي أ. د. محمد حسن جبل، وتقبَّل جهوده الفذّة في خدمة اللغة الشريفة، والوحي الأقدس، كأحسن ما يتقبل من عباده من العلماء العاملين، المخلِصين المخلَصين، ورفع درجاته في عليين، وأدام النفع بعلمه وولايته إلى يوم الدين... اللهم آمين.


وفاته:


انتقل إلى جوار ربه الأكرم، راضيًا مرضيًا، العارف بالله العلامة اللغوي، المالكى النقشبندي أ.د. محمد حسن جبل، الأستاذ المتفرغ بكلية القرآن الكريم بطنطا، والعميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالمنصورة. وذلك في مغرب يوم الثلاثاء الموافق 24/3/2015م. ودُفن إلى جوار مسجده الواقع بقرية "منشأة الأوقاف" المجاورة لمدينة طنطا المباركة، التي قضى فيها جلّ عمره المبارك، مجاورًا ومحبًا لسيدي أحمد البدوي، رضي الله تعالى عنه.


كتبه أ.د. عبد الكريم محمد حسن جبل


رئيس قسم اللغة العربية كلية الآداب – جامعة طنطا


رثاء الشيخ:


رثاء شيخ اللغويين وإمام النحويين فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد حسن حسن جبل


نظمه الأستاذ/ أسامة السيد عبيد حسين .


مضي شيخي إلي جنات ربــي *** تودعه القلوب بكــل حــب


حليـم عاش في كنف الكريم *** إلي الجنات يهفو كل قلـب


مطيع سابح في الذكر دوماً *** يبادر توبة من غير ذنــب


دواء المعضــلات إذا تحوم *** وحار الناس في شرق وغـرب


حوي من ضادنا جبــلا يفوح *** بمسك العلم في وعر ورحـب


سلوا عنه الأئمة يخبـروكم *** فشيخي عز عن يـد وضـــرب


نحا نحو الأئمة فاستقامـت *** له العلياء وازدانت بدرب


جمال النجم في أسمي سماء *** فقطب العابدين غدا كقطـب


بدا قمرا إذا ما جن ليـل *** وشمسا للوري في خير كتـب


له الجنات نرجوها ثوابـا *** وفي الجنات قربا بعد قرب


نظمه تلميذه المحب/أبو أنس أسامة السيد عبيد

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

ترجمة كتاب جين إتشسون (اللسانيات)


كتب الدكتور عبد الكريم جبل على صفحته:



اللهم لك الحمد على نعمة الإتمام ....أخيرا، صدر عن المركز القومى للترجمة (التابع لوزارة الثقافة) ترجمتى لكتاب Linguistics (اللسانيات) للمؤلفة Jean Aitchison جين إتشسون (الأستاذة بجامعة اكسفورد) فى خمسمائة صفحة وقد أنفقت فى سبيل ترجمة هذا الكتاب مئات الساعات من حر وقتى وجهدى. وعلقت على بعض مسائله، وشرحت بعض مصطلحاته، وبينت موقف العربية من بعض ما ذكرته المؤلفة بشأن الإنجليزية أو لغات أخرى غير العربية.
وقد أثلج صدرى تقريظ أ.د. حسام نايل لترجمتي هذه على نحو ما كتبه بنفسه على غلاف مسودة الكتاب. 
 فاللهم أسالك نعمة القبول، كما مننت بنعمة الإتمام.

الأحد، 27 نوفمبر 2016

كنّاشة الذكريات (١)




يقول د. عبد الكريم تعليقا على الصورة:
صور من مناقشتي للدكتوراه (١٩٩٥) رحم الله من فارقنا، وبارك فيمن بقي، وفيما بقي من العمر. 
(الكناشة بتشديد النون: الأوراق تقيد فيها الشوارد)